القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة الأخوات الثلاث

قصة الأخوات الثلاث


يروى أن ثلاث فتيات يتيمات كن يعشن حياة فقر وحرمان ، ولم يكن لهن معيل أو قريب يلجأن إليه في هذا الضيق الذي يخيم على حياتهن طيلة الأيام .

فكرن طويلاً بطريقة ينقذن أنفسهن بها من هذا الحرمان الذي يكاد يودي بحياتهن وهن ما زلن في مقتبل العمر .

فلم يجدن طريقة أفضل من غزل الصوف وتطريز الثياب ، فرحن يعملن مجتهدات ليل نهار ليحصلن رزقهن ويدّخرن بعض المال للأيام السوداء التي غالبا ما كانت تمرّ بهن وتطيل المكوث لديهن .

وفي يوم توفيت والدة حاكم المدينة ، فأعلن الحداد في جميع أرجاء المدينة مدة أيام ثلاثة ، وأمر الحاكم ألا يضاء أي ضوء في أي مكان قبل أن تنتهي مدة الحداد .

غير أنهن في الليلة الثانية

لم يستطعن أن ينقطعن عن العمل ، فأنرن القنديل سراً ورحن يعملن خائفات ، وكان أن قرر حاكم المدينة أن يتأكد بنفسه من التزام أهل المدينة بأمره .

فراح يدور في الشوارع حتى توقف أمام شباك منزل لمح من خلال ستائره ضوءا خفيفا ، فاقترب منه ونظر إلى الداخل ، وتناهت إلى سمعه كلمات للفتيات الثلاث وهن يحدثن بعضهن البعض.

قالت الأولى: لكن أتمنى أن أتخلص من هذا العمل المضني فأتزوج من طباخ قصر حاكم المدينة ، فتمتلئ معدتي وأنتهي من هذا الخوف الذي يتملكني كل ليلة عندما أفكر بالغد .

وقالت الثانية: لا تظني أنك وحدك التي تريد أن تنتهي من هذا العمل المضني ، فلقد تعبت يدي وعيني ، ولم أعد أطيق الصبر على العمل ليل نهار من أجل لقمة خبز آكلها وأظل في جوع . ولكم أتمنى أن يتزوجني أحد حراس قصر حاكم المدينة ، فأكتفي بمعاشه وأعيش معه عيشة مطمئنة .

أما الثالثة فكانت تسمع كلام أختيها وتضحك ،



وبعد صمت قالت لهما: إن أحلامكما صغيرة جدا، أما أنا فإما أن أظل أعمل في ضوء هذا القنديل ، وأتعب عيني ويدي ، وأصبر على الجوع والعوز، وإما أن

أتزوج من ابن حاكم المدينة .



وضحكت منها أختاها ملياً. أما حاكم المدينة فقفل عائداً إلى القصر .

وعند الصباح طلب إلى الحراس أن يذهبوا ويأتوه بالفتيات الثلاث . فلما حضرن بين يديه

قال لهن: لقد مررت البارحة بيتكن ووجدتكن قد أنرتن القنديل ورحتن تعملن في غزل الصوف وتطريز الثياب .

أما علمتن أني أعلنت الحداد ثلاثة أيام بسبب وفاة والدتي وأمرت من في المدينة ألا يضيئوا قنديلا قبل ثلاث أيام؟



فقالت الأخت الوسطى: لقد عرفنا بأمرك يا سيدي الحاكم ، ولكن العوز قد أجبرنا على أن نتجاوز إرادتك ونضيء القناديل لنحصّل رزق نهار الغد .

وهنا قال حاكم المدينة للفتاة الأولى: أما أنت أيتها الفتاة ، فسنزوج منك طباخ هذا القصر . واستغربت كلامه، وكيف عرف أنها كانت تحلم بذلك ، لكنها لم تنطق بأي كلمة .

ثم وجه كلامه للفتاة الثانية قائلا : أما أنت فسيتزوجك أحد الحراس، أتوافقين ؟

أظن أنك توافقين، غير أن خجلك يمنعك من أنت تقولي أي شيء .

ونظر إلى الفتاة الثالثة ، وهي أصغرهن،

وقال لها: أما أنت فستكونين وصيفة لابنتي .
وهكذا كان .

تبدلت حياة الفتيات الثلاث وبات عيشهن رغيداً .

وكانت الفتاة الصغرى ترافق بنت حاكم المدينة ، وتقوم معها بنزهات جميلة وتجلس إليها فترات طويلة في حديقة القصر .

غير أن أحلامها غالبا ما كانت تحزنها . فلقد تحقق حلما أختيها ، أما هي فما زالت على حلمها القديم ، تتمنى أن تكون زوجة ابن الحاكم.

وفي يوم ، وبينما كانت في الحديقة ، تتأمل الأزهار وتفكر ، وهي وحيدة ، رأت بالقرب منها شاباً جميلاً ، توقف برهة من غير أن يتكلم ، ثم قال لها:

أراك تجلسين هنا وحدك، أما لك من صديقة تجالسينها ؟



فقالت: إنني وصيفة بنت حاكم المدينة، وها أنا أنتظرها لتوافيني إلى الحديقة، حيث تحب الجلوس فترات طويلة من النهار .

وطالت نظرة الفتى إلى الوصيفة ، وبات يلتقيها مصادفة بين الحين والحين حتى جاء وقت رآها فيه واقفة قرب زهرات جميلة ، فأخذها بيديه وأسرع بها نحو القصر الذي صعد درجاته ، ثم دخل بها مع زوجة الحاكم، وقال لها :

– أمي .. أريد أن أتزوج هذه الفتاة .

وحاول أن يتابع كلامه ، إلا أنه فوجئ بحاكم المدينة يدخل ،



وبادره بقوله:



ما بك يا ولدي ؟



فقالت الأم: لقد أحب وصيفة ابنتك ويريد أن يتزوجها .

وضحك الحاكم عندئذ ونظر إلى الفتاة

وقال لها: لقد تحقق حلمك يا عزيزة ، فلقد سمعت تلك الليلة التي مررت ببيتكم فيها أنك تودين أن يكون زوجك ابن حاكم المدينة .

وضحكت الفتاة في سرها ، وظلت ابتسامتها أجمل ما ضم قصر حاكم المدينة …… إنتهت

تعليقات

التنقل السريع