مقبرة البقيع: تاريخها العريق، أسباب هدمها، وآداب زيارتها
تُعدّ مقبرة البقيع، المعروفة أيضًا بـ"جنة البقيع"، من أقدس المعالم الإسلامية في المدينة المنورة، وأقدم مقبرة إسلامية في التاريخ. تحتضن هذه الأرض الطاهرة رفات نخبة من آل بيت النبي ﷺ، وأصحابه الكرام، ما يجعلها مقصدًا روحيًا عظيمًا لكل زائر للمسجد النبوي الشريف.
في هذا المقال، نستعرض تاريخ مقبرة البقيع، وأسباب هدم الأضرحة التي كانت فيها، بالإضافة إلى أهم الآداب التي ينبغي على الزائر التحلي بها عند دخول هذا المكان المقدس.
📍 أين تقع مقبرة البقيع؟
تقع مقبرة البقيع في الجهة الجنوبية الشرقية من المسجد النبوي في المدينة المنورة، وتحديدًا في منطقة الحجاز بالمملكة العربية السعودية. ويسهل الوصول إليها مشيًا من باحة المسجد، مما يجعلها مزارًا أساسيًا للحجاج والمعتمرين بعد زيارتهم لقبر النبي ﷺ.🕰️ تاريخ مقبرة البقيع
يرجع اسم "البقيع" إلى المعنى اللغوي "الأرض التي تكثر فيها الأشجار"، وقد كانت تلك الأرض مغطاة بأشجار الغرقد قبل أن تتحول إلى مقبرة.وكان أول من دُفن فيها هو الصحابي الجليل أسعد بن زرارة، ويقال أيضًا عثمان بن مظعون رضي الله عنهما. وقد اختار النبي ﷺ هذه الأرض لتكون مثوىً لأهل المدينة من المسلمين، وكان يزورها بنفسه ويدعو لأهلها.
من أبرز من دفنوا في البقيع:
فاطمة الزهراء رضي الله عنها
الحسن بن علي رضي الله عنه
عثمان بن عفان (دُفن في مكان مجاور ألحق لاحقًا بالبقيع)
العباس بن عبد المطلب
زوجات النبي ﷺ (عدا خديجة التي دفنت في مكة)
عدد كبير من الصحابة والتابعين، ويُقدر عدد المدفونين في البقيع بأكثر من 10 آلاف صحابي.
🧱 لماذا تم هدم الأضرحة في البقيع؟
في أوائل القرن العشرين، وتحديدًا عام 1925م، وبعد ضم المدينة المنورة إلى الدولة السعودية الحديثة، تم هدم القباب والأضرحة التي كانت تعلو قبور الصحابة وآل البيت في مقبرة البقيع.وجاء هذا القرار بناءً على الرؤية الدينية التي يتبناها علماء المذهب السلفي، والتي تعتبر أن:
بناء القباب على القبور مخالف للتوحيد.
وجود الأضرحة قد يؤدي إلى الغلو في تعظيم الموتى، وربما الوقوع في الشرك.
يجب أن تبقى القبور بسيطة ومتواضعة كما كانت في عهد النبي ﷺ.
وقد أثار هذا القرار ردود فعل واسعة، خاصة من بعض الطوائف الإسلامية التي ترى في الأضرحة رمزية تاريخية ودينية. ومع ذلك، استمرت المملكة في منع إعادة بناء أي معالم على القبور حفاظًا على العقيدة من الشركيات.
✨ أهمية مقبرة البقيع للمسلمين
مقبرة البقيع ليست فقط موقعًا أثريًا، بل هي محطة روحية عظيمة لما فيها من قبور أولياء الله الصالحين. ومن أبرز أوجه أهميتها:صلة بالماضي النبوي: كونها تضم أهل بيت النبي ﷺ وأصحابه.
عظة وموعظة: زيارة القبور تُذكّر الإنسان بالآخرة، كما جاء في الحديث الشريف:
"كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها، فإنها تذكركم الآخرة."
وجهة للحجاج والمعتمرين: حيث يحرص معظم الزوار على المرور بها بعد أداء العمرة أو الحج.
🕌 آداب زيارة مقبرة البقيع
زيارة البقيع مستحبة، ولها آداب ينبغي أن يلتزم بها الزائر:✅ الدخول بالقدم اليمنى وقراءة دعاء الزيارة:
"السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية."
✅ الدعاء للمدفونين بالرحمة والمغفرة.
🚫 تجنّب أي ممارسات مخالفة للعقيدة، مثل التوسل أو الطواف بالقبور أو لمسها أو التبرك بها.
🧕 على النساء الالتزام بالحجاب الكامل والوقار عند الزيارة.
🤫 احترام المكان بعدم رفع الصوت أو التصوير أو التجمهر.
⏰ مواعيد زيارة مقبرة البقيع
📅 الزيارة متاحة طوال الأسبوع ما عدا الجمعة والسبت.🕗 المواعيد: من 8 صباحًا حتى 12 ظهرًا، ومن 2 ظهرًا حتى 6 مساءً.
🎟️ الدخول مجاني، ولا تُفرض أي رسوم على الزوار.
❓ أسئلة شائعة
🔹 هل دُفن الرسول ﷺ في البقيع؟لا، بل دُفن النبي محمد ﷺ في حجرته، بجوار المسجد النبوي، ومعه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
🔹 كم عدد القبور في البقيع؟
تحتوي المقبرة حاليًا على أكثر من 42 ألف مربع دفن، وتُعاد ترتيبات القبور كل 4 إلى 5 سنوات.
🔹 هل يجوز زيارة النساء للبقيع؟
المسألة محل خلاف بين العلماء، لكن في المملكة يُمنع دخول النساء إلى المقبرة حاليًا، ويمكنهن الزيارة من خارج السور.
🕊️ ختامًا
زيارة مقبرة البقيع ليست مجرد رحلة تاريخية، بل هي وقفة روحانية تربط المؤمن بأصول دينه وتاريخ أمته، وتذكّره بالحياة الآخرة. فكن زائرًا متأملًا، محترمًا، ذاكرًا لله، داعيًا بالرحمة لكل من سبقك إلى دار الحق.اللهم اجعل لنا في زيارتها أجرًا، وفي الدعاء لأهلها بركة، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، واجعلنا من عبادك الصالحين.
تعليقات
إرسال تعليق