القائمة الرئيسية

الصفحات

ارتفاع حرارة مياه البحر المتوسط ينذر بكوارث مناخية وشيكة

ارتفاع حرارة مياه البحر المتوسط ينذر بكوارث مناخية وشيكة






تشهد مياه البحر الأبيض المتوسط حاليًا ارتفاعًا غير مسبوق في درجات حرارتها السطحية، حيث تم تسجيل قيم "شاذة" قياسية، خاصة في الجزء الغربي من الحوض. هذا الارتفاع المقلق يثير تحذيرات من خبراء المناخ بشأن احتمال حدوث أعاصير وفيضانات، لا سيما مع اقتراب فصل الخريف.


البحر المتوسط يُصنف كواحد من "النقاط الساخنة" عالميًا في سياق التغير المناخي، نظرًا لكونه مسطحًا مائيًا شبه مغلق، ما يجعله أكثر تأثرًا بالتغيرات البيئية. وتشير البيانات إلى أن هناك انحرافًا إيجابيًا في درجة حرارته، أي أنها أصبحت أعلى بكثير من المعدلات المعتادة.


ويعرب الباحثون عن قلقهم من أن تؤدي هذه الحرارة المرتفعة إلى اضطرابات جوية شديدة، حيث تسهم الرطوبة العالية الناتجة عن هذه الظاهرة في رفع درجات الندى، مما يعزز من فرص تشكل العواصف الرعدية خلال أواخر الصيف وبداية الخريف.
وتُعد موجة الحر الحالية في البحر المتوسط من أبرز مظاهر "الشذوذ" البحري المسجلة على مستوى العالم هذا العام. ويأتي ذلك ضمن سلسلة من موجات الحر البحرية التي تصاعدت حدّتها في السنوات الأخيرة.


عادة ما تتفاقم هذه الظواهر بفعل ظروف جوية معينة، مثل الضغط الجوي المرتفع وضعف حركة الرياح، إلى جانب قلة الغطاء السحابي. وتشير السجلات المناخية إلى أن صيفًا تتوافر فيه هذه الظروف قد يترك آثارًا بالغة على الأنظمة البيئية، خاصة في المناطق الساحلية والمياه الضحلة.


وتنشأ موجات الحر البحرية في الغالب نتيجة لأنماط مناخية واسعة النطاق، تؤدي إلى ارتفاعات حرارية متواصلة وطويلة الأمد، غالبًا ما تحدث تحت ما يُعرف بـ"القبة الحرارية".


ومع ازدياد حرارة مياه البحر، ترتفع معدلات التبخر، مما يؤدي إلى تراكم المزيد من الرطوبة في الجو. وهذا بدوره يزيد من احتمالات هطول الأمطار، خاصة في ظل توافر كمية كبيرة من بخار الماء في الغلاف الجوي.


وقد شهد غرب ووسط البحر المتوسط مستويات قياسية من الحرارة هذا العام، فكان شهر يونيو/حزيران أكثر دفئًا من المعدلات العامة، ليس فقط مقارنة بالمتوسط الموسمي، بل أيضًا مقارنة بالمعدلات طويلة الأجل منذ الشتاء الماضي.


وتُعد الأجزاء الغربية من البحر المتوسط الأكثر تأثرًا، حيث سجلت درجات حرارة أعلى بـ5 إلى 6 درجات مئوية عن المعدلات الطبيعية. ما جعل من يونيو شهرًا استثنائيًا على مستوى الأرقام المناخية المسجلة.


أما بحر إيجه، فيظهر في جزء صغير منه فقط "شذوذًا حراريًا سلبيا"، حيث تقل الحرارة قليلًا عن المعدل، بينما باقي أنحاء المتوسط تُسجل ارتفاعًا حادًا في درجة حرارة السطح.


مؤشرات على اضطرابات مناخية شديدة


تشير التقديرات المناخية إلى أن نهاية يونيو 2025 قد تشهد تجاوز درجة حرارة سطح البحر المتوسط للمتوسط التاريخي بنحو 3 درجات مئوية، مما يجعل هذه السنة واحدة من الأشد حرارة على الإطلاق. فبينما كانت درجات الحرارة الموسمية تدور حول 23 درجة مئوية، يتوقع أن تصل هذا العام إلى نحو 26 درجة.


وأظهرت التحليلات الحديثة أن معظم البحار المحيطة بالقارة الأوروبية تسجل درجات حرارة أعلى بكثير من المعتاد، وعلى رأسها البحر المتوسط. ويرى العلماء أن هذا الارتفاع قد يكون مؤشرًا على اضطرابات مناخية كبرى خلال الأشهر القادمة.


ويشدد الخبراء على أهمية المراقبة الدقيقة لدرجات حرارة مياه البحر المتوسط خلال فصل الصيف، لما لها من تأثير مباشر على معدلات الأمطار الخريفية. فكلما ازدادت سخونة المياه، ارتفعت احتمالات هطول الأمطار الغزيرة و"المتطرفة".


وتحذر التقديرات من أن هذه الحرارة غير الطبيعية قد تؤدي إلى حدوث أمطار شديدة خلال الخريف، وهو ما قد يسهم في فيضانات واسعة النطاق في دول حوض المتوسط، مثل إيطاليا وسلوفينيا وكرواتيا وفرنسا وإسبانيا.


انعكاسات بيئية مدمّرة


وكانت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي قد أكدت أن البحر المتوسط شهد، منذ ثمانينيات القرن العشرين، تغيّرات جذرية في أنظمته البيئية، شملت تراجع التنوع البيولوجي وانتشار الأنواع الغازية.


كما أظهرت دراسة نُشرت في مجلة "Global Change Biology" في يوليو 2022، أن موجات الحر التي ضربت البحر المتوسط بين عامي 2015 و2019 تسببت في نفوق واسع لما يقرب من 50 نوعًا بحريًا، من بينها الشعاب المرجانية، وقنافذ البحر، والرخويات، والنباتات البحرية مثل البوسيدونيا، حتى أعماق بلغت 45 مترًا.


تعليقات

التنقل السريع