ما الفرق بين “سبع سنابل” في سورة البقرة و”سبع سنبلات” في سورة يوسف؟
جاء في القرآن الكريم استعمال كلمتين متشابهتين في اللفظ والمعنى، لكن في موضعين مختلفين وسياقين متباينين:
الأولى: “سبع سنابل” في سورة البقرة،
والثانية: “سبع سنبلات” في سورة يوسف.
ورغم تشابه الكلمتين من حيث الجذر اللغوي والمعنى العام، إلا أن هناك فرقًا لغويًا وسياقيًا دقيقًا يستحق التأمل.
أولًا: السياق القرآني
في سورة البقرة:
قال تعالى:
"مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ، فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ"
(سورة البقرة، الآية 261)
السياق هنا سياق مجازي؛ يضرب الله مثلًا للإنفاق في سبيله، ليُظهر مضاعفة الأجر والثواب.
لذا، جاءت كلمة "سنابل" بصيغة الجمع القياسي للفصاحة والبلاغة، وهي تعبر عن الوفرة والخير المتزايد.
التعبير أدبي بلاغي، يُستخدم لترغيب الناس في الصدقة من خلال تصوير النماء والبركة في المال المنفق.
في سورة يوسف:
قال تعالى:
"يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ... وَسَبْعِ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ"
(سورة يوسف، الآية 46)
السياق هنا واقعي وحلمي؛ جزء من حلم رآه الملك وطلب تفسيره.
كلمة "سنبلات" استخدمت لأن الحديث عن عناصر موجودة في حلم، تُعبّر عن سنوات خصب ويُبَاس حقيقية.
كما أن لفظ "سنبلات" أقرب إلى الوصف التصويري الدقيق لما يُرى في المنام، وهو ما يناسب طبيعة الرؤيا.
ثانيًا: الفرق اللغوي بين "سنابل" و"سنبلات"
"سنابل": جمع قياسي لكلمة سُنبُلة، يُستخدم عادةً في السياقات البلاغية والبيانية. يُعبّر عن الكثرة والنماء."سنبلات": جمع تكسير، يُستخدم غالبًا في الوصف الواقعي أو الحسي، كما في الرؤى أو الأمور التفصيلية.
إذن، الكلمتان صحيحتان لغويًا، لكن لكل منهما دلالته التي تناسب الموضع الذي وردت فيه.
خلاصة الفرق:
وجه المقارنة | سبع سنابل – سورة البقرة | سبع سنبلات – سورة يوسف |
---|---|---|
السياق | بلاغي – مثل للإنفاق | رؤيا – تفسير حلم الملك |
الاستخدام | مجازي / معنوي | حسي / واقعي |
الشكل اللغوي | جمع فصيح (قياسي) | جمع تكسير (تصويري) |
الدلالة | مضاعفة الأجر والخير | سنوات من الخصب والجدب |
يُظهر لنا هذا الفرق البسيط بين "السنابل" و"السنبلات" جمال اللغة القرآنية، وعمق اختيار الألفاظ في سياقاتها المناسبة، بما يُراعي البلاغة والدقة في آنٍ واحد. فهو ليس مجرد اختلاف لغوي، بل دليل على إعجاز بياني تتجلّى فيه الحكمة والروعة في كل حرف وكلمة.
تعليقات
إرسال تعليق