قصة زواج عن حب: من الحلم إلى الانكسار
مرّت ست سنوات على زواجي، ليست مجرد رقم، بل سنوات طويلة مليئة بالأحداث والتفاصيل. عشنا خلالها لحظات جميلة وأخرى قاسية، ضحكنا وبكينا، مررنا بخيبات أمل كبيرة وتحقيق لأحلام صغيرة. أحيانًا شعرت وكأن الدنيا تضحك لي، وأحيانًا كنت أغلق باب غرفتي وأبكي بصمت دون أن يشعر بي أحد.
رزقني الله بفتاتين، هما أغلى ما في حياتي، الكنز الحقيقي الذي خرجت به من هذه التجربة. ربما هما السبب الوحيد الذي يدفعني للاستمرار. في كل مرة أنظر فيهما، أشعر أنه لا بد أن أكون قوية، لا بد أن أتابع الحياة، حتى وإن كنت من الداخل منهارة، حتى وإن كنت أحارب كل يوم فقط لأبتسم.
تزوجت عن حب، حب حقيقي، كنا نعيشه في كل لحظة، ونتحدث عنه وكأنه أجمل قصة في الدنيا. كنا نحلم كثيرًا، نتحدث عن منزلنا وأطفالنا، وعن حياتنا المثالية التي كنا نراها في خيالنا. في السنة الأولى من الزواج، كنت أشعر وكأني أطير من الفرح. كان يهتم بي، يخاف عليّ، يصغي لي، يحتضنني عندما أبكي، ويقول لي: "أنا هنا معك". كنت أصدقه وأشعر بالأمان.
لكن كل شيء بدأ يتغير بعد إنجاب ابنتي الكبرى. لا أنكر أنها أنارت حياتنا، ولم أندم لحظة على قدومها، بل كانت أعظم نعمة. ولكن، منذ تلك اللحظة، بدأت علاقتي بزوجي تتغير.
في البداية، قلت إن الأمر طبيعي، إنها ضغوط المسؤولية، السهر، التعب. لكن لم يكن الأمر مؤقتًا. بدأت المشكلات تكبر. نتشاجر على كل شيء، كبيره وصغيره. أصبح هو صامتًا دائمًا، بينما أنا متوترة باستمرار. لم يعد بيننا حديث كما في السابق، أصبحت أنا من تبدأ كل شيء: السلام، الحديث، الاهتمام.
البرود الذي بدأ يظهر منه كان يقتلني، يؤلمني أكثر من أي خلاف. وصلنا إلى نقطة الانفصال، وتم الطلاق فعليًا، وعشنا فترة كلٌّ في طريقه. في تلك الفترة، لم أكن أرغب في العودة، ليس لغياب المشاعر، بل لأنني كنت مجروحة من الداخل.
لكننا عدنا، ليس بدافع الحب، بل من أجل الأطفال. من أجل مستقبلهم، من أجل ألا يُدفعوا ثمن أخطائنا. منذ عودتنا، وأنا أعيش حياة "نصفها حياة". لا راحة، لا سعادة، لا حتى تصالح مع النفس. أشعر أنه موجود لمجرد الوجود، لا لكونه يحبني أو يرى قيمتي.
أحيانًا، أشعر أنني الوحيدة التي تحاول، التي تبادر، بينما هو لا يهتم. وكأن الحب الذي جمعنا قد مات. وفي أحد الأيام، قال لي كلمة كانت من أقسى ما سمعت: "أنا نادم لأنني تزوجتك". نظرت إليه في صدمة، لم أصدق. ظلت هذه العبارة تؤلمني لشهور، وما زالت.
ومنذ إنجاب ابنتي الكبرى، وأنا أعاني من مشكلات صحية لا تنتهي: آلام الظهر، مشاكل المعدة، صداع مزمن، دوخة، ضعف في المناعة... لم أشعر بالشفاء أبدًا. وكل مرة أتعافى من شيء، يبدأ آخر. المؤلم أكثر أن زوجي لم يشعر بي يومًا. يأخذني للطبيب، يدفع ثمن العلاج، ولكن لا كلمة طيبة، لا سؤال، لا دعم.
قبل الزواج، كان يقيم الدنيا لو سمعني أعاني، أما اليوم، يمكن أن أعود مريضة وأجده منهمكًا في هاتفه وكأنني غير موجودة. صرت أشعر أنني لو مت، فلن يلاحظ أحد. رغم كل ذلك، لم أقصّر يومًا في بيتي. أطبخ، أنظف، أذاكر للبنات، أضحك أمامهن حتى لا يشعرن بشيء.
كنت أبتسم وأنا مكسورة، أطبخ وأنا مصدّعة، أغسل وأنا أرتجف.
وفي يومٍ ما، قررت أن أغيّر روتيني قليلاً. بدأت بغرفتي، نظّفتها، غيّرت أماكن الأثاث، وغسلت السقف الذي لم ألمسه منذ ولادة طفلتي الأولى. لم أفعل ذلك انتظارًا لمدح أحد، بل لأشعر بطاقة جديدة.
وأثناء التنظيف، وجدت شيئًا غريبًا: صرّة صغيرة مربوطة بإحكام. عندما فتحتها، وجدت ثلاث تمرات، إحداها ملفوفة بكيس كأنها مكفّنة. أصابتني الصدمة، ولم أعرف كيف أتصرف.
استدعيت زوجي، وطلبت منه أن نحضر شيخًا يقرأ في المنزل. لكنه رفض وقال: "لا تفكري بهذه الأمور، ربما نسيها أحد". لكنني شعرت أن الأمر ليس طبيعيًا، وشعرت أن هناك شيئًا غريبًا يحدث من حولي.
منذ تلك اللحظة، وأنا أشعر بعدم الارتياح. أصبحت أشك في كل شيء، أستيقظ من نومي مذعورة، أرى كوابيس، وأشعر بشيء ثقيل يجثم على صدري وكأن هناك من يراقبني طوال الوقت.
حتى ابنتي الكبرى بدأت تستيقظ من النوم مفزوعة، والصغرى تبكي دون سبب. أشعر أن المنزل لم يعد هو نفسه، وكأن شيئًا ما تغير كليًا.
أفكر كثيرًا: هل كل هذا مجرد مصادفة؟ لماذا انقلبت حياتي بالكامل بعد الولادة؟ لماذا صحتي ونفسيتي وبيتي تحطمت فجأة؟ لا راحة، لا سلام، لا حتى حضن أشعر فيه بالأمان.
تحطمت من الداخل، لكني ما زلت مستمرة. لا من أجله، ولا من أجل الزواج، بل من أجل بناتي، حتى لا يكبرن مكسورات مثلي.
لست أجزم بوجود سحر، ولا أتهم أحدًا، ولكن ما مررت به لا يبدو طبيعيًا، وما عشته لا يمكن اختصاره بكلمات. أحكي قصتي لعل أحدًا مرّ بتجربة مشابهة، أو سمع عن شيء كهذا، أو ربما هناك تفسير لما يحدث لا أراه.
كل ما أتمناه ممن يقرأ كلماتي دعوة من القلب.
ادعوا لي أن يشفيني الله، ويصلح ما بيني وبين زوجي، ويمنح قلبي راحة.
ادعوا لي أن أجد في بيتي دفئًا وكلمة طيبة ونظرة حب.
ادعوا لي أن أعود أضحك بصدق، بلا ألم، بلا تمثيل.
وأكثر ما أتمناه...
أن أستعيد الرجل الذي أحببته، الذي كان يخاف عليّ، ويمنحني الأمان،
وليس ذاك الذي ندم يومًا أنه تزوجني.
تعليقات
إرسال تعليق